سورة الملك - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الملك)


        


{أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)}
{أَمَّنْ} يشار إليه من الجموع ويقال {هذا الذى هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مّن دُونِ الله} إن أرسل عليكم عذابه {أَمَّنْ} يشار إليه ويقال {هذا الذى يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ} وهذا على التقدير. ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأوثان لاعتقادهم أنهم يحفظون من النوائب ويرزقون ببركة آلهتهم، فكأنهم الجند الناصر والرازق. ونحوه قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مّن دُونِنَا} [الأنبياء: 43]. {بَل لَّجُّواْ فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ} بل تمادوا في عناد وشراد عن الحق لثقله عليهم فلم يتبعوه.


{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24)}
يجعل (أكب) مطاوع (كبه) يقال: كببته فأكب، من الغرائب والشواذ. ونحوه: قشعت الريح السحاب فأقشع، وما هو كذلك؛ ولا شيء من بناء أفعل مطاوعاً، ولا يتقن نحو هذا إلا حملة كتاب سيبويه؛ وإنما (أكب) من باب (انفض، وألأم) ومعناه: دخل في الكب، وصار ذا كب؛ وكذلك أقشع السحاب: دخل في القشع. ومطاوع كب وقشع: انكب وانقشع. فإن قلت ما معنى {يَمْشِى مُكِبّاً على وَجْهِهِ}؟ وكيف قابل {يَمْشِى سَوِيّاً عَلَى صراط مُّسْتَقِيمٍ}؟ قلت: معناه: يمشي معتسفاً في مكان معتاد غير مستو فيه انخفاض وارتفاع، فيعثر كل ساعة فيخر على وجهه منكباً، فحاله نقيض حال من يمشي سوياً، أي: قائماً سالماً من العثور والخرور. أو مستوي الجهة قليل الانحراف خلاف المعتسف الذي ينحرف هكذا وهكذا على طريق مستو. ويجوز أن يراد الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق فيعتسف، فلا يزال ينكب على وجهه، وأنه ليس كالرجل السوي الصحيح البصر الماشي في الطريق المهتدي له، وهو مثل للمؤمن والكافر.
وعن قتادة: الكافر أكب على معاصي الله تعالى فحشره الله يوم القيامة على وجهه.
وعن الكلبي: عنى به أبو جهل بن هشام. وبالسويّ: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.


{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27)}
{فَلَمَّا رَأَوْهُ} الضمير للوعد. والزلفة: القرب، وانتصابها على الحال أو الظرف، أي: رأوه ذا زلفة أو مكاناً ذا زلفة {سِيئَتْ وُجُوهُ الذين كَفَرُواْ} أي ساءت رؤية الوعد وجوههم: بأن علتها الكآبة وغشيها الكسوف والقترة، وكلحوا، وكما يكون وجه من يقاد إلى القتل أو يعرض على بعض العذاب {وَقِيلَ} القائلون: الزبانية {تَدَّعُونَ} تفتعلون من الدعاء، أي: تطلبون وتستعجلون به. وقيل: هو من الدعوى، أي: كنتم بسببه تدعون أنكم لا تبعثون. وقرئ: {تدعون}، وعن بعض الزهاد: أنه تلاها في أول الليل في صلاته، فبقي يكررها وهو يبكي إلى أن نودي لصلاة الفجر، ولعمري إنها لوقاذة لمن تصور تلك الحالة وتأملها.

1 | 2 | 3 | 4